كل مرة أستزيد من كتابات جمانة حداد أقع في غرام ما تكتب، وأذهب فورا لأقرب موقع يوفر كتبها لأطلب المزيد.
بدايتي معها كانت من (سيجيء الموت وتكون له عيناك) مرورا بجمانيات ثم الجيم، وأيضا كتابها الجميل بصحبة لصوص النار، والآن مع رواد يولد من جديد.
كنت أريد أن أطعن فيها وفي موهبتها بسبب آرائها المستفزة، وتصريحاتها الكفرية؛ لكن قلمها يأبى إلا أن ييهر عينك وكأنه ضوء شمس في وضح النهار.
قلمها أفصح من لسانها، وليتها أمسكت لسانها كثيرا، وتركت الخوض في العديد من القضايا؛ لكن لا حرج على ملحد.
الآن بين يديَّ كتابها (رواد يولد من جديد) وهو عبارة عن سبعة فصول شعرية تخاطب فيها المؤلفة أطفال العالم كما ذكر لك الناشر في الكتاب، ولا أعتقد أنها تنتمي هذه الفصول للشعر؛ لكنها تنتمي باقتدار إلى فن القصة القصيرة، ولقد أبدعت جمانة في هذه الفصول أيما إبداع، وأقولها باللسان الفصيح: فليحمد الله كتّاب القصة أن جمانة لم تكتب في القصص القصيرة وإلا لأخذت كل الجوائز في هذا الفن.
إن قصصها ليست تقليدية ولا تكتب بلغة جافة، بل تكتب بلغة شعرية تذيب كل الحواجز التي بينها وبين القارئ، ويبقى الإبداع حكما.
انظر لها حينما تقول:
(لكن رواد كان في الحقيقة شجرة، لم ينتبه أحد إلى الأمر، ولا حتى أمه، التي أنجبته بشق الأنفس بسبب تفرعات رأسه العملاق.
أما هو فكان يعرف تماما أنه شجرة، إلا أنه لم يكن في وسعه أن يخبر أحدا بذلك؛ لأنه على غرار جميع المواليد الجدد، لا يستطيع الكلام) رواد في أول فصل كان شجرة، وفي كل فصل يولد من جديد ليصبح شيئا آخرا.
هذه القصص ليست للأطفال فحسب، بل هي تصلح للأطفال الكبار نحن بالطبع: لأنها تعيدك إلى ملاعب الصبا الأولى بنكهة جمانية فاخرة، وأيضا تقدم لك معلومات عن غابة الأمازون التي مساحتها أكبر من مساحة الولايات المتحدة الأمريكية، وأيضا عن غابات الخيرزان أعلى جبال سيشوان في جنوب غرب الصين وغيرها من الأماكن).
على أني لا أنصح أن يقرأه الأطفال على انفراد لما فيه من دس لبعض الأمور والمعتقدات التي لا تتناسب مع ديننا الحنيف، ولابد من ايضاحها للأطفال وتبيين عوارها.
الكتاب من القطع الكبير مزود برسومات من الرسامة الأرجنتينية تامرا فيلوسلادا، يقع في 63 صفحة من إصدارات الدار العربية للعلوم ناشرون الصادر في عام 2011م.