3نوفمبر

الحياة الواقعية/الإلكترونية

تناقشت أنا والصديق منصور الضبعان حول بعض ممارساته في مواقع التواصل فهو يمارسها بعفوية تامة ويعرض حياته الطبيعية دون تزييف أو تضخيم أو تعديل وقلت له: ربما سيتم محاربتك مستقبلا من أجل هذه الممارسات الطبيعية مثل العرضة الشعبية أو التواجد لتشجيع فريقك المفضل، قلت الأعداء وأصحاب التنمر الإلكتروني سيستخدمون ذلك ضدك وسيجدون في حسابك وجبة دسمة.
فقال لي: هل ما فعلته يعد عيبا، أو حراما؟ وماذا فعلت غير أني أفعل ما فعله أجدادي في العرضة الشعبية والافتخار بالموروث الشعبي، وممارسة هواياتي المفضلة من دون تعصب أو الإساءة للغير.
لن أقيَّد حياتي من أجل الذباب الإلكتروني ومن أجل المتردية والنطيحة، وفي كلا الحالتين فالناس لن يتركوك وسيحوّلون أي فعل لك ضدك في حالة كراهيتهم لك.
وقد صدق، وهذا ملحظ عظيم فالناس دأبهم البحث عن النقائص أوالأخطاء والهفوات ومحاولة الظفر بها، بل البحث والتنقيب في الماضي لمحاولة إثارة الرأي العام على الشخص أو ضرب بعض مواقفه القديمة بمواقفه الحالية؛ ولذلك لا تقيّد نفسك من أجل الناس، وعش حياتك بطولها وعرضها فالحياة أقصر من أن تقضيها في محاولة إرضاء الناس.
لا ينفك أراذل الناس في كل زمانٍ ومكانٍ من البحث عن نقائص الأعلام والتشهير بها، وإن لم يجدوا فالاختلاق هو سيد الموقف.
انظر إلى الثعالبي-رحمه الله- ماذا يقول: (ومن الآفات أي (آفات المُلك) تولع العامة بالملوك وحب الطعن عليهم، والتجسس عن أخبارهم، ونشر المعاييب عنهم، ولم تزل هذه الخلال في طبائع الناس، لا يكاد ينجو منها إلا من رجح عقله وعظمت مروءته وظهر سؤدده، واشتد ورعه).
فإذا عُلم هذا وجب الترفع عن أخلاق السوقة ومن شابههم، فإن المرء يُحمد بعقله وفعاله وحسن مقاله.
ولم يقتل الناس إلا الفضول، فضول الكلام، وفضول النظر، وكما قيل: لو تكلم الناس فيما علموه لساد الهدوء أماكن كثيرة.
وكثيرٌ من الناس يبحث عن زلل المشاهير كمن يبحث عن كنز، ويفتش في الماضي كأنه يفتش عن النقدين.
(يحيط العظماء أنفسهم وأعمالهم بستار برّاق يخفيها عن الناس أو يبهر عيونهم. والناس يحبّون، أكثر ما يحبّون رؤية العظماء عارين -رؤية عورتهم- يدفعون أي ثمن لتمزيق ذلك الستار.
وتراهم أشد ما يكونون ارتياحاً إذا اكتشفوا في العظيم نقصاً، أو عثروا على خطأ).
فإذا كان هذا الشأن العامة مع الملوك فما الحال مع من دونهم؟

إذن: عش حياتك كما تحب.

 

تم نشر هذه المقالة في العدد الأربعين من مجلة فرقد:

https://fargad.sa/?p=22122

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    تعليق واحد

    1. لن ولم يسلم من لسان الناس أحد حتى رُسُل الله الذين هم أكمل البشر عليهم الصلاة والسلام لم يسلموا من السنة قومهم ، لكن الانسان الواعي والذي يبحث عن راحة نفسه ان وجد في كلامهم منفعه اخذ به
      ولايجعل اي امر اخريؤثر عليه
      ودائما من يبحث عن عيوب الناس هم اكثر الناس عيباً ونقصاً
      فاذا كان كذلك فلما الزعل والاهتمام بكلام من كان كله عيب ونقص
      عش حياتك كماتريد وانبسط ولاتلتفت لكلام المحبطين
      فالدنيا راحله واعمارنا قصيره .
      ??

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *