لم نجد دواء للتعصب الرياضي فكيف بتعصب الترجمة؟
بسبب برنامجي (مشارب) وأحد حلقاته التي كانت عن الترجمة، دخلت هذا العالم: بحثت، وقرأت، وسألت من أجل الإعداد للحلقة، وأنا لست غريبا عن الترجمة بشكل كبير حيث أني قارئ ثم كاتب، وأتقاطع كثيرا مع الكتب المترجمة لاسيما الترجمة الأدبية؛ ولذلك كان الإعداد للحلقة ممتعا وجاذبا في نفس الوقت..
لاحقا حضرت (ملتقى الترجمة واقع ومستقبل المهنة) وهذا ما ساعدني للتعرف والالتقاء بالعديد من المترجمين والحديث معهم ورؤية ما يطرحون في مواقع التواصل الاجتماعي؛ فوجدت أن بعضا منهم لديه تعصبا يفوق تعصب محبين الرياضة للرياضة..
ينقم كثيرا منهم على الأستاذ عبدالله الخريف ترجماته؛ وأنا أرى أنه لو لم يكن من الخريف إلا أنه أعلى من قيمة الترجمة وبسّط العلوم، وقرّب الفهم للكثير من المواضيع لكفاه..
نعم لديه بعض الأخطاء في ترجماته كما يقول بعض المختصين في الترجمة بيد أنه في الأخير اجتهد وسد فراغا في عالم الترجمة، وحتى لو لم يظهر الخريف لكن لزاما علينا إيجاد عبدالله خريف آخر..
هناك شح في عملية الترجمة المرئية، فكل جهد في هذا المجال يجب أن ننميه وندعمه من أجل إثراء محتوانا العربي..
التاريخ مليء بالناجحين الذين أثروا عالم الترجمة من غير المتخصصين كحنين بن إسحاق طبيب الخليفة المتوكل الخاص وكان مسؤولا عن بيت الحكمة، بيت الحكمة الذي يعد أول دار علمية في الحضارة الإسلامية، ترجم حنين كثيرا من الكتب الطبية وهو طبيب، وكذلك الطبيب ابن ماسويه الخوزي ترجم كتبا عديدة في علوم الطب وهو ليس بمترجم..
وكما أن التاريخ يحكي فكذلك الحاضر يغص بالأمثلة التي تند عن الحصر ممن أفاد الترجمة وليس بمتخصص وأشهرهم وكبيرهم سامي الدروبي أستاذ علم النفس الذي ترجم أعمال
دوستويفسكي وترجم لتولستوي وبوشكين وغيرهما، وكذلك سهيل إدريس الذي ترجم أكثر من عشرين كتابا في كثير من الحقول الأدبية وهو المتخصص في الشريعة والأدب.
الأمثلة تطول في شتى أنواع الترجمة كعلي مصباح وعادل الجبير وسعود الفيصل، وغيرهم الكثير..
أنا أحترم التخصص وأحب المتخصصين ولكن لماذا كل هذا التضييق والإقصاء لغير المترجمين ومحاولة نبذهم خارج المشهد؟ وكأن التخصصات الأخرى خالية من التطفل..
(في كل وادٍ بنو سعد) والذي يشتكيه أهل الترجمة، يشتكون منه معظم التخصصات..
لا أحد يستطيع فرض وصاية على عالم الترجمة وحكره على المتخصصين فقط، وأنا لا أريد قول أن هذا الدفاع ليس حبا في الترجمة بقدر ماهو حسد النجاحات المتوالية لغير المتخصصيين..
في مقالتي (حسد الآلهة) ذكرت أن المحقق أو المترجم لابد أن تظهر شخصيته في العمل المترجم أو المحقق إذ لا أتصور أن تمر نصوصا فيها النيل من الوطن أو الحط من قدر المرأة أو تغيير مسميات أماكن تاريخية مشهورة دون ظهور شخصية المترجم أو المحقق..
صوت المترجم أو المحقق لابد أن يكون موجودا حتى ولو كان صوتا خفيضا، المهم أن يكون موجودا..
لن أخبركم بردود الأفعال التي وصلتني من عالم الترجمة بيد أني علمت حينها أن رحى الحرب دائرة، وكلٌ ممسك بحزامه، متأبطا سيفه..
يبدو وأنا المراقب من بعيد أن (كل حزبٍ بما لديهم فرحون)، ولكن أعتقد أنه يجب أن نكون أقل حدة مع المخالف ومع غير المتخصصين إذا ثبت نفعهم؛ فإن الجميع همهم إثراء المحتوى ومد الجسور المعرفية مع الجميع..
ابصر لرجلك قبل الخطو موقعها
فمن علا زلقا عن غرة زلجا
المقالة تعكس اجتهادا لا أحسب أن الباحث الكريم قد وفق فيه. فقد أطلق رصاصة الدفاع من العنوان، وعن من؟ عن المتطفلين على صناعة الترجمة، ليسمي احترام المترجمين للمهنة ورعاية جودتها (تعصبا)!
التطفل على الترجمة لا يماثله تطفل على غيرها لأن اللغة سبيل كل العلوم، ومن تعلم لغة أجنبية ظن أنه صار مترجما.
التطفل علينا أيسر وأكثر.
المتطفلون لم يترجموا حرصا على سد الثغرة بل استغلالها والتربح منها.
الكلام يطول لكنني لا أتفق مطلقا مع توجهات الباحث الكريم ? الذي قرأ المشهد من خارجه، ولا يبدو أنه ناقشه.
الانطباع غير كاف.
أتفق . هذا ابلغ رد
ماشاء الله كتاباتك دائما مثيرة للإهتمام ?
الترجمة تعتمد اعتمادا كبيرا على ثقافة المترجم وتعمقه في أدب لغته التي يتحدث بها أولا؛ لأنه الأساس الذي يرتكز عليه لتظهر جمالية النص المترجم كما هي دون إفراط في المعنى ولا تفريط.
النص المترجم أحيانا إذا وقع في أيدي المترجمين الغير متمكنين من لغتهم الأم يحولونه إلى كلمات مجردة من المعاني، أقرب تشبيه للنص المترجم أنه كحلوى في متجر حلويات مغلق تراه عيناك من خلف الزجاج فتشتهيها لكنك لا تستطيع تذوقها!
إن كان التعصب جريمة فليشهد التاريخ أني مجرما.
تعصب الشخص لتخصصه أمر محمود. ونقيضه مهلكة