في دراسة أجرتها جامعة ويسكونسن الأمريكية عن الألم تم استقطاب متطوعين ليضعوا أقدامهم في مياه مجمدة لأطول فترة ممكنة. لاحظوا أن المتطوعين الذين سُمح لهم بإدخال فرد واحد معهم أثناء التجربة، تكون مدة صبرهم على تحمل الألم أكثر من الفرد الذي يخوض التجربة لوحده.
الحياة كلها تقوم على المساعدة والمشاركة ولا يقوم البنيان إلا على أربع، حتى في الإيوان فإنه ثلاثة، وأنت تمشي على قدمين، ويد واحدة لا تصفق، والمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه.
السعادة تشاركية، وأعظم مظاهر السعادة في العيد؛ فالسعادة في العيد ليست نابعة من ذات الشخص بل من المحيط والمجتمع والناس.
وعلم النفس الإكلينيكي قائمٌ على “الفضفضة” من قبل المريض، ومرضى الاكتئاب -في الجملة- هم بحاجة إلى شخص أو أشخاص يعينونهم في هذه الحياة الشاقة كما حدث مع المبتعث السعودي إلى ألمانيا؛ فإنه أصيب بالاكتئاب ثم محاولة الانتحار لاحقا بسبب عدم وجود (صحبة) كما يقول.
كانت عقوبة السامري (أن تقول لا مساس) أي لا تمس الناس، والناس لا يمسونك، فانعزل عن الناس وعن المجتمع وهام في البراري مع الوحوش حتى صابه الوسواس.
في السجن إذا أرادوا تغليظ العقوبة على أحد المسجونين فإنه يحال للحبس الانفرادي لعلمهم بأن الوحدة قاتلة، والأمم المتحدة انتبهت لهذا فترى أن الحبس الانفرادي لمدة طويلة تعذيبا يجرمه القانون.
معجم أكسفورد الإنجليزي لم يتم إلا بعد أن شاركوا المتطوعين من الناس بإرسال الكلمات الناقصة إلى اللجنة المختصة بوضع المعجم.
المدربون في كرة القدم لطالما كانوا يصرحون أن الفوز يُنسب للجميع، ولا يعود إلى لاعب معين؛ ويتأثر الفريق كثيرا حينما يتم طرد لاعب واحد ويكون هذا الطرد هو سبب جوهري في الهزيمة؛ لأنها لعبة جماعية.
أحيانا من شدة حاجتك للعضيد، فقد تعتضد بجاهل كما قال التهامي:
ولربما اعتضد الحليم بجاهلٍ
لا خير في يمنى بغير يسارِ
وتراثنا الشعبي فيه مثل هذا فمن الأمثال المشهورة (قومٌ تعانوا ما ذلوا) بل صار هناك تطرف في هذا الأمر حتى قالوا (الموت مع الجماعة رحمة) و(حشرٍ مع الناس عيد) أي أنك مع المجموعة أنت في أمان حتى ولو أدى بك هذا الجمع إلى الموت فهو رحمة.
لا شيء يبدد الفزع مثل المجموعة. الحزن ثقيل على واحد خفيف على اثنين.
تم نشر هذه المقالة في العدد الواحد والثلاثين من مجلة فرقد:
https://fargad.sa/?p=15802
الحزن يقل مع مشاركته.شاركني.