في عالم السرعة وفي الوقت الذي تجوب الكذبة أنحاء العالم، تكون الحقيقة للتو تستيقظ من النوم.
أصبحت الشبكة العنكبوتية هي المصدر الأول لمعظم الناس في استقاء المعلومات؛ بل والاعتماد عليها بشكل كلي وعلني.
لقد ولّد لدينا هذا البحث السريع والوصول للمعلومة بسهولة جيل مهزوز غير متخصص وغير دقيق، وإنما عنده شذرات قليلة من كل علم.
ما دخل سريعا خرج سريعا، وما دخل عسيرا بقي طويلا، وهذا هو الذي جعل المعلومات التي نكتسبها دون عناء، ودون بحث تذهب مع أدراج الرياح.
ليس لدي مشكلة مع التزود من المعلومة من الكتب المصورة، أو المطابقة للكتب المنشورة؛ لكن الطامة الكبرى هي اعتماد الناس على المنتديات والمواقع العامة أو المواقع التي تدعي أنها متخصصة في التاريخ والطب والتجميل وغيرها.
يشيب رأسك حينما ترى نصا مكذوبا أو مختلقا يطير في مواقع التواصل الاجتماعي ويفوز بإعجاب كثيرٍ من الناس، أو نصٍ صحيح؛ لكنه وُظف بطريقة خاطئة وفُهم بمنظور قاصر كما حدث مع المقولة الخالدة لابن سينا (بُلينا بقوم يظنون أن الله لم يهد سواهم) وتم تداولها على أن ابن سينا قصد بها الفقهاء والمتكلمين، وهذا خطأُ شنيع، بل كان المقصود بها المتعصبين من الفلاسفة وهذا هو الثابت في كتابه (منطق المشرقيين)، وسبب هذا اللبس ما قاله أحدهم في أحد المنتديات قديما، وتلقفوا الناس عنه هذا اللبس.
ولا يمكن أن نتكلم عن اللبس والتضليل في المعلومات ولا نذكر الموسوعة الحرة ويكيبيديا، فهل نستطيع أن نثق بهذه الموسوعة؟ وكيف نستطيع أن نحكم على جودة بياناتها وهي التي تسمح للجميع بالتحرير والتعديل على جميع المواضيع فيها، لا سيما أنها لا تملك أي لجنة للمراجعة ولا للتدقيق، وبإمكان أي شخص وضع مقالة مضللة مبنية على معلومات مزيفة.
ومن العجيب في هذه الموسوعة أنك ترى الشيء ونقيضه، وهذا يرجع إلى السياسة المفتوحة التي تعتمد عليها.
هناك أخطاء جمة في المعلومات الطبية وهذا مثبت بدراسة أجريت عام 2014 وأثبتت أن هناك تسعة أخطاء في كل تسعة مواضيع من أصل عشرة، وهناك دراسة شملت الموسوعة ككل، وليس فقط المعلومات الطبية فقد ذهبت البروفسورة مارشيا ديستاسو، التي قادت فريق بحثي للتأكد من صحة معلومات الموسوعة إلى القول بأن:
(نحو 6 من كل 10 مواضيع تحوي أخطاء تتعارض مع حقائق أساسية، إما نتيجة لجهل المساهم أو خطأ غير مقصود منه أو لتشويه متعمّد للحقائق غرضه الأوحد هو التخريب 60 في المئة من مواضيع ويكبيديا تحوي أخطاء تتعلق بحقائق لا جدال حولها.
من الصعوبة بمكان تخيل استمرار الوضع على هذا النحو.
60 في المئة من المواضيع المغلوطة والمشكوك في صحتها ليست أمرًا يُستهان به بأي حال من الأحوال).
من الأخطاء المضحكة في هذه الموسوعة أنها أخطأت في كتابة السلام الوطني السعودي حتى تم التنبيه عليها، ثم التعديل لاحقا.
لا يكفي أن نشير إلى أخطاء ويكبيديا دون طرح البديل المناسب لها، وأعتقد أن هناك مشروعا كبيرا اسمه تاجيبيديا وهي أول نظام من نوعه على الانترنت لإتاحة المحتوى العربي المدقق والموثق، شاملا شتى المجالات العلمية، والأدبية، والاقتصادية، والفنية، والرياضية، والثقافية، والمعرفية، والأعمال، والخدمات المهنية، وحقوق الملكية الفكرية، والاعلام والمحاسبة، والادارة المالية، والاستشارات الادارية، والترجمة، والقانون، والأعمال المصرفية، والتدريب المهني، واستشارات تقنية المعلومات، وما يتصل بهذه الحقول من معارف علمية ومهنية اخرى.
المعلومة دين، فاعرف عمّن تأخذ دينك.
تستطيع سماع هذا المقال على الرابط التالي:
https://soundcloud.com/hattemali/6cmtvgrxj1ga