في خبر أدبي غربي سيقلب موازين الثقافة ويخلط الحابل بالنابل أعلنت دار نشر بريطانية جديدة اسمها “كوندويت بوكس” أنها ستنشر فقط كتب الرجال!
نعم الرجال: أصحاب الشوارب واللحى وللأسف لا يوجد مكان للنساء فيها!
ويقول صاحب الدار أن الكتّاب الذكور اليوم صاروا: “مهددين بالانقراض الأدبي” ويتعرضون لـ”تهميش خطير في الوسط الثقافي”.
يبدو أن الدار الجديدة: تسعى لإعادة الاعتبار لصوت الرجل في الأدب!
أشاهد هذا الجدل وأنا أمتلئ ضحكا حول تهميش الذكور والهيمنة الأنثوية على صناعة النشر وسألت نفسي هل هذه معركة تخصنا؟
ألا يحق لنا نحن أيضا أن نشارك في موجة الإنقاذ؟ لماذا لا نطلق “جمعية حماية الأدب الذكوري العربي”؟ أو على الأقل “حملة تبرع بالحبر للكتّاب الذكور المتعبين من الحياة والزواج والأصدقاء والناشرين؟
دعونا نتخيل -الخيال ببلاش-: ملصقات في الشوارع ولوحات: أنقذوا كاتبا وساعدوه على النشر ورقم ساخن لمن يرغب في التبرع لهذا الكاتب الذكر المسكين.
جلسات دعم نفسي جماعي يشارك فيها كتّاب أنهوا الفصل الأول منذ 7 سنوات ولم يتم نشر رواياتهم حتى الآن!
وحتى نواكب التوجّه العالمي أقترح أن نفتح دار نشر تعنى بـ أدب الذكور في مرحلة ما قبل منتصف العمر وتصدر سلسلة بعنوان (رجال يكتبون أيضا) وتعيد طباعة نصوص قديمة لكتّاب كانوا مشهورين أيام كان الفاكس هو مستقبل النشر.
خلونا من المزح ونجي للجد الآن: لأن الفكرة كلها -رغم طرافتها- تثير سؤالا مهما: هل صحيح أن الأدب صار حكرا على فئة دون أخرى؟ أم أن المشكلة ليست في الكاتب بل في القارئ؟
من هذا القارئ في هذا العصر المأزوم يملك الوقت والطاقة ليكمل رواية بينما العالم ينهار من حوله والسوشل ميديا تبتلعه؟
وهل سيفكر بعد كل هذا في جنس الكاتب؟
يعني هل فعلا أصبحت الهوية مدخلا للنشر؟ أين اللغة والفكرة والمعنى والمضمون؟
إني أؤمن أن الأدب الجيد لا يملك شاربا ولا كحلا ولا حنجرة ذكورية ولا رموش طويلة إنه يملك نفَسا إنسانيا وربما هذا ما نفتقده الآن.
ربما لا يحتاج الأدب إلى دار نشر جديدة بقدر ما يحتاج إلى قارئ قديم…ذلك الذي كان يشتري الكتاب لأنه أحب فحواه لا لأن الكاتب ذكر أو أنثى.
لا فرق بين قلم عليه شارب أو قلم عليه ماسكرا:
المهم ألا يكون الحبر هذيانات سخيفة!