19يونيو

لماذا نستمر في التعلّم؟

من المعلوم بالضرورة أن القراءة هي البوابة الكبيرة للمعرفة، ونحن إذا قلنا قراءة فإن أول ما يخطر على الأذهان هي قراءة الكتب ولا يتسلل إلى أذهاننا قراءة المقالات لاسيما بلغات أجنبية.

من فترة ليست بالقريبة بدأت بصنع عادة صباحية وهي تخصيص وقت كل صباح من نصف ساعة إلى ساعة لقراءة أحدث المقالات في المجالات التي أحبها مثل الثقافة والإعلام والصحة النفسية وعالم المال والأعمال وغيرها من المجالات، وحتى أتمكن من المداومة على هذه العادة يوميا استعنت بأداة (ؤ) وهي منصة إلكترونية تستخدم لتجميع وقراءة الأخبار والمقالات من مواقع الويب المختلفة في مكان واحد باستخدام تقنية RSS (Really Simple Syndication).
والحقيقة أن هذه العادة صنعت أثرا كبيرا في حياتي بحكم كمية المعارف المتجددة التي أطلع عليها يوميا وكذلك أحدث الدراسات والأبحاث العلمية في كل المجالات وأيضا أحدث الممارسات المتبعة في كل مجال.

لم أتوقف عن قراءة الكتب ولكني أضفت مصدرا جديدا من مصادر المعرفة جنبا إلى جنب مع الكتب والبودكاسات والأفلام الوثائقية التي أشاهدها ولذلك أشعر بتحديث لمعلوماتي كل يوم وهذا ما يجعلني مواكبا للعصر بشكل يومي.

ما يدهشني ذلك التوازن الذي بدأ يتشكل داخلي بين القديم والجديد والثابت والمتحرك؛ فالكتب تمنحني عمقا والمقالات تبقيني يقظا، وقد لاحظت أنني حين أستمر في هذه العادة يصبح عقلي أكثر مرونة وأقل انجذابا للأحكام المطلقة وأكثر وعيا بتعدد الأصوات والزوايا لأني اقرأ المقالات بشتى اللغات كالإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية والصينية وغيرها من اللغات بفضل خدمة الترجمة.

استخدام أدوات مثل (Feedly) يجعل من هذه العادة تجربة منظمة تنقّي الفوضى الرقمية وتعيد ترتيبها بحسب اهتمامات القارئ.

ولا أزعم أن هذه العادة محببة دائما أو أنها تؤتي ثمارها بشكل سريع لأن أحيانا التعرض الكبير للمعرفة مضر لأنك في الأخير سوف تصاب بالتخمة المعرفية؛ ولكن من المعلوم بالضرورة أن المعرفة تراكمية وأن الصورة تتشكل بهدوء في الخلفية وفي اللاوعي والمغزى الأول والأخير هو أن أذكّر نفسي بأني مازلت قادرا على التعلم كل يوم.

هناك وهم شائع بأن التغيير الحقيقي لا يأتي إلا عبر لحظة درامية واكتشاف عظيم أو قرار جذري لكن الحقيقة التي يهمس بها الزمن وتؤكدها التجربة: هي أن أغلب التحولات العميقة تبدأ بخطوة صغيرة ثم تتكرر.

إنه المفهوم الياباني “كايزن” تحسين بسيط لا يتوقف، ولذلك يبقى الإنسان في دوامة التعلم المستمر.

الجميل في هذا المسار أنه لا يتطلب بطولات ولا مجهودات ضخمة، كل ما يحتاجه هو قليل من الوعي وقليل من الوقت يوميا.

كن شجاعا وتعلم كل يوم!

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *