10مايو

انتقل إلى رحمة الله..احترموا الأموات!!

أصبحنا نرى كثيرا في مواقع التواصل الاجتماعي أخبار الوفيات..

كانت هذه مهمة الصحف الورقية؛ ولكن مع موت الصحف، انتقلت هذه المهمة إلى مواقع التواصل الاجتماعي بحكم أنها الوريث لها..

أتعجب كل العجب من شخص مصاب بوفاة أمه أو أبيه أو زوجه أو أحد المقربين جدا له، كيف يجد الوقت ليُعلن خبر وفاته عبر المنصات، مع التنويع في الصور والفيدوهات، وكذلك التغيير في العبارات عبر كل منصة..

عمل احترافي مميز ويستحق عليه لقب أسوأ حزين في العالم!!

الموت لم يعد مخيفا، ولا حزينا كالسابق..

بل أصبح موت الأب أو الأم أو أحد المقربين دورة مجانية في صناعة المحتوى..

الأدهى والأمر أن المصاب -إذا افترضنا فعلا أنه مصاب- يجد الوقت الكافي للرد على المعزين ووضع القلوب والورود على ردودهم..

لا أدعو للانعزال وأن يغلق المرء على نفسه في الغرفة؛ ولكن أين هيبة الموت؟ وأين الإنشغال بأمور غسله، وتكفينه والصلاة عليه؟ واستقبال المعزين الحقيقين على أرض الواقع؟

إلى هذه الدرجة أصبح العزاء فرصة لجذب الأنظار، واللايكات، وكذلك الدعوات..

البعض يقول أنه يذكر الوفاة من أجل الدعاء، نعم ولكن ليقم بذلك أحد غيرك لاسيما إذا كنت مصاب بالدرجة الأولى، وكنت من العصبة!!

(أمي توفت، باب من أبواب الجنة أغلق، زوجي العزيز انتقل لجوار ربه، زوجتي وسندي توجهت لخالقها) إلى هذه اللحظة لا أعرف كيف تتطاوع هؤلاء أناملهم كتابة مثل هذه الحروف في الأيام الأولى من الصدمة!!

رحم الله الجميع، ولا أذاقنا مرارة الفقد؛ ولكن يبقى للموت حرمة، وتبقى له هيبة، ويجب علينا أن ننظر إلى هذه المسألة بعقلانية كبيرة..

خذ مساحتك في الحزن، وانصهر مع آلامك وأحزانك، ودع مواقع الوهم والعالم الافتراضي، واترك عنك شحذ التعاطف واللايكات والدعوات الإلكترونية!!

كل الحالات تم توظيفها بداية من الزواج ثم الطلاق وصولا إلى الموت!!

على هذه المدنية الحديثة ألا تسلب منا انسانيتنا، وتعاطفنا، وعيشنا لمشاعرنا الحزينة والمفرحة أيضا..

ليس كل خبر يُنشر، وليس كل حدث يجب أن يحوّل إلى مهرجان من التفاعل..

إذا لم تحترموا الموت، على الأقل: احترموا الأموات!!

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    2 تعليقان

    1. يمنعني الحياء ان ارد على كل من يعلن عن وفاة امه او ابوه او احد ابنائه في نفس اللحظه .. انا اظن ان الالم ينسيني حتى استخدام جوالي .. الله يرحم امواتنا واموات المسلمي
      شكراً لك استاذ حاتم على كل ماتكتب

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *