15سبتمبر

ذكريات باريس

الكتاب الثاني هو لشيخي ومعلمي الدكاترة زكي مبارك- عطّر الله قبره- الذي أفدت من كتبه، واستننت بسنته، واقتفيت أثره، فما أوردني إلا على النيل ولا هداني إلا طريق الأدب القويم.

المؤلف أشهر من أن يُعرّف، وأغنى من أن آتي على سيرته، فيكفي أن تقول زكي مبارك فيُعرف مباشرة هذا الكتاب درة من درر كتب الشيخ –رحمه الله- حيث اشتمل على الشعر الرائق والنثر الفائق، والنقد الموفق.

فمن شعره الرائق قوله:

آمنت بالحب لولا أنتِ ما جمحت

مني الضلوع إلى أهلٍ ولا وطنِ

يا من تحيرت لا أدري أيسعدني
مرامه أم هواه محنة المحنِ

ما ضر لو نعمت عيناي أو شبعت

قبل الفراق بمرآى وجهكِ الحسنِ

 

ومن نثره الفائق:

(وهو مع هذا لم يحو كل الذكريات؛ لأن أطيب الذكريات لا يكتب ولا يقال، وإنما تقلّبه النفس في هدآت الليل كما يفعل الشحيح وهو يقلّب كنزه الشحيح).

ومن نقده الموفق قوله:

(إن في باريس طوائف من الفتيات ألجأهن الفقر والعوز إلى مرافقة الشبان.

هؤلاء الفتيات الفقيرات خطر على باريس وزوار باريس، وهن خطر على الشبان المصريين والشرقيين الذين حرمتهم التقاليد الإسلامية من الأنس بالمرأة الفاجرة، فكم من شاب أسلم شرفه وعرضه لامرأة بغي في أول ليلة دخل فيها باريس، وكم من شاب مصري جاء ليتعلم فظل جاهلا ثم عاد إلى أهله يحمل أشنع وأوبأ ما عرف الطب من جراثيم الأمراض، والفرنسيون يعلمون علم اليقين أن عاصمتهم موبوءة).

ولا أجد في الكتاب عيباً سوى بعض الذكريات المطولة والتفاصيل المملة التي لا حاجة للقارئ بمعرفتها؛ ولكنه في المجمل ماتع جدا.

الكتاب من القطع الكبير يقع في 300 صفحة من إصدارات دار نوابغ الفكر الصادر عام 1433هـ.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *