26يونيو

القصيدة المظلومة..سكنانا

بعد أن هدأت عاصفة السخرية من هذه القصيدة، اخترت كتابة رأيي في هذا الموضوع الجدلي، فلا أحب دائما أن أخوض مع الخائضين، ولطالما أحببتُ أن أدلي بصوتي بعد زوال الغمة، وانقشاع الفتنة.
في عام ٢٠١٥ حصل الشاعر المبدع السعودي حيدر العبدالله على بردة أمير الشعراء كما حصل قبلها على بردة شاعر عكاظ.
وفي الثالث من ديسمبر من عام ٢٠١٦ ألقى قصيدة القرى والظلال على قائد الأمة الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وحقُ لمثل حيدر أن يستمع الملوك لنشيده.
بعد الانتهاء من القصيدة كان هناك لغط كبير على مواقع التواصل بسبب الإلقاء وأسلوب الشاعر في التعامل مع موقف مثل هذا الموقف، والحقيقة أنني أميل بعض الشيء إلى الرأي الذي يقول أن الشاعر حيدر لم يوفق في طريقة الإلقاء؛ مع علمي بأن الطبيعة المكانية للأحساء بنخيلها ومزارعها ومروجها ألقت بظلالها على الشاعر، وأنهم هناك -في المجمل- يميلون للهدوء والوداعة، لا إلى الزمجرة ورفع الصوت.
كان حيدر يلقي القصيدة مقطعة، يفصّل البيت للسامعين كلمة كلمة، بيتاً بيتاً بتؤدة كبيرة، وتمهلٍ يُمّل غير المتذوق للشعر.
كان يريد أن يُفهم الناس أن الشعر ليس برفع الصوت ولا بحركة الأيدي، بل هو كما قيل ما دخل الأذن بغير إذن، وقد فعل.
مشكلة الناس أنهم حاكموا حيدر وحاكموا قصيدته بناء على صوته الرخيم، ونغمته الهادئة حتى أنهم شككوا في قصيدته الجيدة وفي شاعريته الفذة.
تأكدت ذلك الوقت أثناء هجوم بعض الناس على الشاعر وعلى قصيدته أننا أمة صوتية، نؤثر الطبل الفارغ والصوت المرتفع والطنبور الموسيقي، على الكلمة البليغة، والقصيد الفحل، والمنطق العذب.
القصيدة تحمل بين طياتها أبياتاً سيّارة، ومعانٍ شاردة كقوله يمدح الملك:

يا أبانا وحسبنا حين تُحصى
أمم اليتم أن تكون أبانا

وهذا معنىً عجيب، والبيت الذي ظلمه بإلقائه الميت:
نحن لا نسكن البيوت ففينا
ملكٌ في فؤاده سكنانا

وكقوله في الوطن:
وردةً نرتدي شذاها وقبراً
نشتهيه إذا الحِمام اشتهانا

وعندي أن هذه القصيدة ليست من خيار شعره ولا من جياده؛ ولكن عمل الشاعر فيها وبصمته الخاصة وجهده، أمور جلية في  البناء الداخلي للقصيدة.
وربما أسمي هذه القصيدة، القصيدة المظلومة، ظلمها فاطرها ومبدعها ومنشئها.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    7 تعليقات

    1. مع إني غير مهتمه بالشعر كثير بس اعرف هذه القصيده يمكن ضحك الناس السلبي أوصلها حتى لغير المهتمين بالشعر واكثر كلمة كانت السخرية فيها طريقة نطق سكنانا أؤيد إن الإلقاء الباهت ظلمها لكن اعارض طريقة إلقاء القصايد برفع الصوت والسرعه بالكلام لدرجة ماتفهم وش يقول .

    2. رغم أن الموضوع لم يشدني حينها إلا أن توقيت المقال جذبني لقراءته كامل
      “لا احب الخوض مع الخائضين” هذه لوحدها درس
      تملك اسلوب جذاب وممتع جداً

    3. كلامك غير رأي في القصيدة والشاعر .. ??

    4. بالضبط وللأسف أن البعض يهمه الصخب والضجيج والإيقاعات ولا تهمه الكلمة
      التي في الحقيقة هي الأساس وهي أشد وقعاً من الموسيقى وغيرها

    5. مع احترامي لردك الجميل .. ومعرفتك بالشعر ومعانيه … الا انه يجب ان يكون ردك في وقت الخوض مع الخائضين .. حتى تنقذ القصيده من السخريه …
      وما قلته انت في عذا المقال سبقك به كثير من النقاد والشعراء وبينوه لنا في وقتها فلم نخض مع الخائضين احتراماً للشاعر وللشعر ولمكان القاء القصيده … وعلى قول المثل ( انت تحج والناس مروحه)
      او المثل اللي يقول ( ترمي من وراء الصف )

    6. ربما كنت ممن سخر لا اعلم و لكن كنت لا اعلم ما معنى الادب الحقيقي، الان بعد ما فهمت الادب وهو : ان تنظر لشعر نفسه لا الى شخصية الشاعر او اسلوبه او السوء الذي يحيط به ادركت الكثير من الابيات الشعريه المظلومه.

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *