25أبريل

الإجهاز على القارئ

الإجهاز على القارئ

في ظل هذه العولمة وهذا العصر الرقمي والسرعة المهولة يبرز لنا سؤال يطرح نفسه بقوة: هل القارئ الآن يحتاج إلى الدقة في الصنعة والحبكة في الكتاب لكي يفوز الكاتب بإعجابه؟

أعتقد أن الجواب لا، فالقارئ (غالبا) أصبح يحب المختصرات، ويحب المجاميع، ويحب الكناشات، وربما ولّى زمن القارئ صعب المراس الذي لابد أن تجهز عليه، وتصرعه أرضا، لقد اضمحل وخاس في الأرض.

لم يعد القارئ يحب أن يفكك الأفكار، وأن يغوص في أعماق المعاني، بل أصبح يرضيه أن يأكل عشاء أمس، ويفطر من غداء الليلة الفائتة وكأن شيئاً لم يكن.

أصبح القارئ لدينا سطحياً يحب القشور ولا يحب اللب، وتعجبه المظاهر لا المخابر، وأصبحت الكتب صوراً تباع في الأسواق.

وساعد على هذه السطحية دور النشر بطباعتهم للكتب السخيفة الخاوية التي تتصدر أرقام المبيعات وتوضع في رف “الأكثر مبيعاً” القارئ لم يعد صيداً صعباً يحتاج منا الانزواء عنه، والتربص به، ومصاولته ومجاولته وجندلته، بل يكفيه قبضٌ من الريح تثره على وجهه فيخر مغشيا عليه كأن لم يكن قارئاً.

ذهبت المماحكات الأدبية، والنزالات النقدية، والكر والفر ولم يعد باقياً سوى التزلف والترفق أو النقد الناعم الذي لا يُصلح شيئاً ولا يقوّم معوجا.

لم يعد المؤلف محتاجاً لقلمٍ أشبه بالسيف قاطع، بل يكفيه أن يكون قلمه شفرة حلاقة ناعمة لا تخدش ولا تؤثر على البشرة، وتحتاج للقليل من الرغوة كي تسهل عملية حلاقة الفكر العربي.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    9 تعليقات

    1. وساعد على هذه السطحية دور النشر بطباعتهم للكتب السخيفة الخاوية التي تتصدر أرقام المبيعات وتوضع في رف “الأكثر مبيعاً”

      للأسف هذا واقع حقيقي نعيشه ، فكل من أراد الظهور و نطق حرفين أصدر كتاب
      و المشكلة الأعظم الجمهور المطبل يشعرك أنه نجيب محفوظ أو إحسان عبدالقدوس

    2. مقال قوي بقدر قوة ذلك القاري الذي كان والكتاب الذي كان ، ولكن انا ارى ان السبب ليس في عدم وجودهم او اختفاء ذائقتهم فهم موجودين ولكن غثاء السيل كثر ، لا اسباب التقليد او الموضه والقدرة الماليه وان وجد لها مبررات ( لأني سمعت احد الفضلاء يقول : في الغرب الكل يكتب وينشر ماشاء ولكن العبره بالمشتري ) وتقريبا مايحصل في الغرب من تفاعلات بشريه ماتلبث ان تسرى لنا بعد مده ، هذا فضلا عن طبيعة الحياة التي فعلا تجعلك بعض الأحيان ترغب في السريع الطريف ، وشكرا للكاتب

    3. المخرجات هي نتيجة لما تطلعنا له في زمن مضى
      كلماتك في الصميم ??

    4. ساهم في ذلك بعض دور النشر التي لم يعد يهمها محتوى الكتاب فا لغة الأرقام أصبحت أهم كم كتاب نشرت وكم كتاب منها اصبح في رف الأكثر مبيعاً
      كُتابنا اليوم كن مشهوراً وقلم بنصف حبر وتجد كتابك يحمل اسمك وصورتك ومنصة توقيع تنتظرك ولا يعلم ان نهاية كتابه صورة سناب بجانب قهوة سوداء بتوقيت زمني .

    5. صالحة السنيدي

      أصبح القاريء يحب الكتاب الذي يحتوي على صورة وجملة ..كأنه طفل ولكن لربما وجب أن يعطى على رغبتة ..حتى يتعلم القراءة بالتدريج ..فنحن جيل لم يتعود على القراءة منذ الصغر ..وعندما وصل إلى سن المراهقه إنتقل بسرعه فائقة إلى قراءة كتب ممتلئة بالكلمات وأصيب بالتعب وأصبح يبحث عن المختصرات لا تهمة الفاصيل .لذلك التدرج في الكتب منذ الصغر له دور كبير في حب التفاصيل والتعمق في الأفكار وتحليلها .

    6. للأسف أصبح الكثير من مشاهير “السوشيال ميديا” يتهافتون على الكتابة سواء من يملك الموهبة ومن لا يملكها.. والغالبية لا تمتلك ! أخشى في يومٍ من الأيام أن نجد على الأرفف كتب لبعض ” الفاشنستات”!. ولكن مثلما ماتفضلت العتب على دور النشر التي تركض وراء الشهرة من خلال نشرهم لهذه الكتب التي تفتقر حتى لأساسيات اللغة العربية الصحيحة.. الضحية هم الجمهور!!
      شكرًا أستاذ حاتم..

    7. أصبح القارئ لدينا سطحياً يحب القشور ولا يحب اللب، وتعجبه المظاهر لا المخابر، وأصبحت الكتب صوراً تباع في الأسواق.
      >>>
      سطور تحكي واقع في حياتنا ..
      البعض يبحث عن روعة الغُلاف
      و يتجاهل الحتوى.

      كتبت فـ أبدعت استاذي الفاضل
      دمت بِـ سعاده اينما حللَت

      • متناقض حاتم الشهري يقول في احدى مقولاته انه لابأس ان يكون السخيف كاتبا ليرو الناس وجماهيره كتاباته ويعرفو من هو وفي كتاباته هذه يقول العكس يقول انها كتب سخيفه ؟

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *