7مارس

يا حزامي وارتخى

كتب الأستاذ أحمد الدويحي تغريدة يقول فيها (من قيم المجتمع الجنوبي قديماً ، يندر ترى رجلاً مهما كان عمره بلا حزام ، لأن الإنسان بلا ( حزام ) يعد في نظرهم ( همل ) أي بلا قيمة ولا قيود ولا هيبة . . دلالة تدعو للتأمل !)

فعلقت الأستاذة عبير العلي وقالت: (في طفولتي سمعت أحد كبار السن يقول بأسى يوم تلقيه خبر وفاة ابنه:
( يا محزمي وارتخى ).

تأملت هذه العبارة القصيرة وكأنها توقيعا من تواقيع البلغاء، لم يقل كان، بل ناداه بحرف النداء الحي (يا) أي أنه موجود، ولكن ارتخى، وهذه لفتة واحدة إلى التعابير البليغة التي كانوا يتداولونها في حديثهم.

وإني لأتفكر في هذا الابن الذي توجع وتفجع الأب على فقدانه، أي حزامٍ كان؟

لقد كان حزاما بمعنى الكلمة، في وقت نرى كثيراً من العقوق لدرجة أن بعضهم لا يصلح لأن يكون مغاط في
في ثوب، أو رباطا في حذاء!!

وأما بالنسبة للحزام ودلالاته فالحزام ذهب كمادة، وبقى كإحساس وشعور..

كان منظر الجنبية في وسط أحدهم منظرا مألوفا في السوق، وفي الشارع، وفي المسجد،
والبيت وفي كل مكان؛ ولكنها الآن أصبحت في المناسبات فقط..

الجنبية

أذكر أني داعبت صديقي الشاعر طاهر العشماوي قائلا:

طلبتك تنصر المظلوم يوم أنك قوي عضود حسبتك محزم مليان، وأثرك محزم فاضي

فرد علي:

عطيناك الحلول وقلت لك ركز على العبرود وانا هيضني اللي هيضك ياخصم ياقاضي

وكانت مساجلة جميلة..

قال نشوان الحميري (المتوفى سنة 573هـ) في كتابه شمس العلوم:
[المِحْزَم] والمِحْزَمة، بالهاء: ما يُحْزَم به: أي يُشَدّ.

وقال رجب عبدالجواد إبراهيم في المعجم العربي لأسماء الملابس «في ضوء المعاجم والنصوص الموثقة من الجاهلية حتى العصر الحديث:
الحِزَام: بكسر الحاء والحِزَامة والمِحْزَم والمِحْزَمة: اسم ما حُزِم به، وجمع الحِزام والحِزامة: حُزُوم، وجمع المِحْزم والمحزمة: المحازم. واحتزم الرجل وتحزّم: إذا شدّ وسطه بحبل.
وما زالت هذه الجموع، والكلمات تستخدم إلى الآن فنقول محازم، وتحزم، ومحزم وحزام وغيرها كثير.

والحزام كان مهما جدا لدرجة أنه من لم يجد حزاما، تحزّم بشماغه؛ فإن لم يجد، فبحبالٍ وذلك أضعف الأحوال، وكل هذا فرارا من أن يكون (هملًا). والحزام لم يكن للرجل فحسب؛ بل حتى النساء كان يحتزمن، وذلك يعود إلى طبيعة الأعمال اليومية التي كانوا يباشرونها كالزراعة والفلاحة ورعي الأغنام وغيرها.

ولقد انتقل الحزام إلى الرياضة، وبمفهوم آخر فأصبحوا لاعبين كمال الأجسام يلبسون الحزام، من أجل شد ومسك الظهر، وهم لا يستغنون عنه أبدا، والحزام منذ الأزل هو حزام أمان سواء في المزرعة أو في البيت أو في النادي أو حتى في السيارة.

والذي لا يربط حزام الأمان هو بلا شك (همل).

تم نشر المقالة في العدد الواحد والسبعين من مجلة فرقد:
https://fargad.sa/?p=47375

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *