14أبريل

نقاش حول أبي الطيب المتنبي

نقاش حول أبي الطيب المتنبي لعبدالعزيز بن عبدالله الربيعي.

عبدالعزيز الربيعي كاتب وأديب سعودي.

المتنبي شاعر البلاط وشاغل الناس.

كنت في أيام خلتقبل الحجرنتحدث أنا والصديق الأديب سلطان الفرحان في بيته عن هموم أدبية، وشواغل ثقافية حتى ساقنا الحديث إلى أبي الطيب وقلت أنه حكيم وليس بشاعر، وأنه شاعر ليس مطبوعا، فغضب صديقي غضبا شديدا حتى همّ بأمر سوء؛ ولكن الله سلّم وقال نقيم مناظرة أنا وأنت حتى يتبيّن الصادق من الكاذب فوافقته على ذلك.

ومن أجل هذا الأمر شددت المأزر وأقمت أهلي وبدأت اقرأ كثيرا مما قيل عن المتنبي مدحا وقدحا حتى وصلت إلى كتاب الأستاذ عبدالعزيز الربيعي (نقاش حول أبي الطيب المتنبي) وتحته بخط صغير نقد علمي أدبي لكتاب (المتنبي وشوقي) فأعجبني العنوان واشتريته.

لقد أسرني من البداية ووقعت في حبه من النظرة الأولى، وما كنت أحسبني ممن يعشقون من النظرة الأولى لأن ابن حزم يقول: (وإني لأطيل العجب من كل من يدعي أنه يحب من نظرة واحدة، ولا أكاد أصدقه، ولا أجعل حبه إلا ضرباً من الشهوة، وأما أن يكون في ظني متمكناً من صميم الفؤاد نافذاً في حجاب القلب فما أقدر ذلك، وما لصق بأحشائي حب قط إلا مع الزمن الطويل وبعد ملازمة الشخص لي دهراً وأخذي معه في كل جد وهزل) لم يكن حبي للكتاب شهوة يا أبا محمد لكن الكتاب انتصار للمتنبي، وهو انتصار هادئ، ونقاش علمي رصين، بروح مهذبة ونقد بصير، ونظرة ثاقبة.

لقد صبر المؤلف لأكثر من خمسين سنة حتى أخرج هذه الأوراق، لأنه كان ينتظر النقاد في العالم العربي أن يردوا على المؤلف في هذا الحكم الجائر وهو تفضيل شوقي على المتنبي؛ لاسيما بالطريقة التي جاءت في الكتاب؛ (فعباس حسن أحصى خلاصة ما قاله السابقون في نقد أبي الطيب، إحصاء بذل فيه غاية الجهد، وكان عليهوفقاً لذلكأن يحصي ما قاله الناقدون بشأن مآخذ شوقي، وأن يرد عليها إذا وجد مجالا للرد.

أليس من اللافت للنظر أن يتتبع كل ما قاله نقاد القرن الرابع وما تلاه عن المتنبي ثم يتغافل عما قاله ناقدو شوقي وكأنه لم يكن!)

ثم يقول: (أمّا أن يصد صدودا عجيبا عن كل ما قيل عن شوقي ثم يتتبع كل ما قيل عن المتنبي فهذا يعصف بمنهجه التأليفي، ويضعه موضع الترجيح).

ومما أعجبني كثيرا في الكتاب ما قاله الربيعي عن الدكتور عباس حسن أنه لم يكن قاضيا في الكتاب بل كان محاميا لأن المحامي يترافع عن البريء والمذنب معا وقد لا يعنيه من القضية إلا أن يكسبها موكله متهما أو غير متهما، أما القاضي لا يصدر الحكم إلا بعد أن يتبين الحيثيات القانونية ويوضحها توضيحا بحيث يهتدي قارئها إلى الحكم الأخير، وهذه نقطة تستحق الإشادة ونقد عالي الطبقة.

والخلاصة أن الكتاب جم الفوائد فقد أضاف في نهاية الكتاب ملخص خاص بمضمون الكتاب يتضمن بعض الأوراق العلمية والمقالات الأدبية التي كُتبت عن المتنبي لطاهر الطناحي وعبدالفتاح الديدي وطه حسين وإبراهيم محمد إسماعيل عوضين.

ولا أدري بعد قراءة هذا الكتاب كيف أناظر صديقي وقد سرى حب المتنبي في عروقي؛ بيد أني أستعيذ بالله من الحب أن يعمي بصري ويصم أذني؛ لأن الحب يعمي ويصم.

الكتاب من القطع الكبير يقع في 216 صفحة وهو من منشورات بيسان، الصادر عام 1439هـ.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *