13مارس

من حبّك سبّك

ضرب المثال في حياتنا اليومية لازم من لوازم الطبيعة الاجتماعية..

مع تطور الحياة منذ العصر الأول واختصارا للكثير من الكلام، ولدت الأمثال في حياة الفرد، وأصبح يعبّر بها ليختزل الموقف في كلمة أو كلمتين، وربما جملة قصيرة..

وكل بيئة متميزة بأمثالها التي تعكس ثقافتها وبيئتها؛ فالبيئة الجبلية تختلف عن البيئة البرية، والبيئة الحارة تختلف عن البيئة الباردة، وأمثال الشرق تختلف عن أمثال الغرب وهكذا وقد تجتمع جميع البيئات في تقديس شيء ما كالأم مثلا، وقد يجتمعون في ذم شيء ما كالغدر..

والأمثال في بيئتنا العربية متقاربة جدا سواء في المشرق أو المغرب، والمثل الواحد يُعبّر عنه باللفظ المحلي ولكن المعنى واحد مثل المثل المشهور: (إذا طاح الجمل كثرت سكاكينه) ولكنه عند بعضهم (إذا طاح الجمل عد السكاكين)، وفي رواية (إذا طاح الجمل يا ويله من السكاكين) فالصيغ مختلفة ولكن المعنى واحد.

وهناك أمثال معروفة مشهورة متداولة بين الناس وأعتقد أنه يجب التوقف عن استخدامها واستبدالها بما هو أفضل منها لما تتضمنه من معاني باطنية سيئة كقولهم (من حبك سبّك) وهذا من أعجب المعاني، فكيف يتوصل إليّ من يسبّني، وكيف تسمح له نفسه بأن يجعلني مائدة لكلامه السيء وهو يحبني؟

إن الحب ضد السب، وخلاف الفاحش من القول، والسيء من الأقوال، ولا تلازم من المحبة وبين الإقذاع في الكلمات الرديئة، ثم إن التفاخر بامتلاك مستودع مليء بالمفردات المشينة لا يدل على نقاء الجوهر، وصفاء السريرة.

من حبك احترمك، وقدرّك وكلّمك بما أنت أهله من المحبة.

أعتقد أن هذا المثل نشأ كغطاء وستار إلى شخص سليط اللسان يريد ستر وإخفاء هذه الخصلة السيئة التي من المؤكد أن من حوله يتأذون منها فخرج في الأخير إلى قول هذا المثل (من حبك سبك).

ومن الأمثال الرديئة أيضا (الله لا يبيّن غلاك) والمعنى أتمنى ألا تموت فيظهر حبي وجزعي وفقدي لك، وهذا إعلان واضح عن كتم المشاعر وانتظار الموت لمعرفة قدر ومكانة الراحل.

وهذا سلوك شائع في الأمة العربية بشكل عام إلا ما ندر وهو عدم الإفصاح عن المشاعر، وانتظار الأزمات والمصائب ليظهر الحب الكامن أو التقدير الكامل لمن واره الثرى.

افصح عن مشاعرك ما دمت في زمن الإمكان؛ فالدنيا ولوعة بخطف الأحباب.

أعتقد أننا بحاجة إلى غربلة أمثالنا وتصحيحها وفرز الجيد منها وتهذيب القبيح، أو حذفه بالكلية، ويكون حذفه بعدم استعماله.

الأمثال هي المجهر الحقيقي لنسيجنا الداخلي.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    تعليق واحد

    1. الاحترام أساس جميع العلاقات، فلا حب ولا صداقة بلا احترام، ولا مرحبًا بعلاقة تصل إلى السب والقسوة والإهانة!من يحبك يجب أن يكون أشد الناس حرصًا على عدم أذيتك.. يسدي إليك النصيحة بود ولين ولطف حتى وإن كان أقرب الناس إليك!

      تذكرت مثل “ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب” و ” كف صفعني نفعني”
      لا أعلم سبب العنف والقسوة في بعض الأمثال!!

    أضف رد على Huda إلغاء الرد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *