2فبراير

وسقط الصنم

كان هناك أحد كتّاب المقالة المشهورين في جريدة الرياض، وكان يكتب عموده اليومي من سنين طويلة، وكنت مندهشا من كتابته اليومية، ومواضيعه الشيقة،

وكانت لدي أمنية أراه رأي العين أو على الأقل أشاهدة في لقاء تلفزيوني حتى أملأ ناظريّ منه، وتتشنف أذني بحديثه، وهذا ما حدث ابتداء حين سمعت له مداخلة هاتفية في إحدى البرامج الثقافية، وصدمت من حديثه بالعامية، ومداخلته الضعيفة الركيكية في موضوع الحلقة.

منعت نفسي من الحكم عليه من مرة واحدة وأعطيت نفسي أملا بأن الرجل مثل ما أتصور وأكثر حتى تمت استضافته كضيف على هامش معرض الكتاب وحينها سقط الصنم في عيني.

التمثال الذي كان مرتكزا في خيالي فترة طويلة هوى وصار هباء تذروه الرياح..

إن بعض الكتّاب لا يحترم نفسه، ولا يعرف حدود فنه، ومنطقة قوته، فإن فتح الله عليك في الكتابة فالزمها، واترك ما سواها حتى لا يُفتضح أمرك..

أنا أعلم أن الكاتب ليس شرطا أن يكون خطيبا مفوها أو متحدثا جيدا؛ لكن يجب أن يكون لديه الحد الأدنى من المهارة الكلامية الشفوية بحكم مهارته الكتابية؛ فلا أتصور أن يكون هناك كاتبا أو شاعرا أو أديبا لا يحسن الحديث ولو لدقائق معدودة في لقاء تلفزيوني عابر.

ربما هذه الصورة المثالية للكتّاب كانت بسبب جيل الرواد كعلامة الجزيرة وابن خميس والغذامي.

هؤلاء من كنت أسمع لهم في الراديو وأشاهدهم في التلفاز وأراهم في المحافل الثقافية والمحاضرات الأدبية يتحدثون ببراعة توازي براعتهم الكتابية.

أندرو شافر قال عن الكاتب نورمان ملير: (ربما كان الضيف الأدبي الآخر الوحيد في تلك الحقبة الذي كان في وسع منتجي برامج الحوارات الاعتماد عليه في هذه اللقطات الصوتية اللذيذة)، أي هو الوحيد الذي يستطيع أن يعبّر ويصرح بشكل ملفت وحاد أمام الكاميرا بمعنى أن هناك كتّابا كثر لا يملكون هذه المهارة، ومع دخول تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي

تواصل سقوط الأصنام الثقافية في محيطي، فلقد كشفت هذه المواقع الصورة الحقيقية لهذه القدوات.

أخشى أن أكون في يوم من الأيام صنما لأحدهم ثم اسقط، ويكتب لاحقا: سقط صنمي الوحيد

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    تعليق واحد

    1. الأصنام كثر ، كثر اخي حاتم،والابطال المزيفون عانت منهم الأمم والمجتمعات على مدى التاريخ، وللأسف..الرويبضات هم الاميز في زمننا هذا ،ولعل عيب( صنمك) هذا انه لا يشافه الناس او من حوله، منغلق، متكئ على يراعه منكنفئ على قرطاسه،أن كان هو الذي يكتب، وجل من نعرف،يكتب لهم(للمجهول)،والزمن بعلاته كفيل بإظهار الحقيقة.

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *