23نوفمبر

رفاهية الإنهيار

متى يستطيع الإنسان أن ينهار؟
لطالما فكرت في كل الأمثال والحكم التي تدعو الفرد إلى الصبر والثبات والمقاومة؛ ولكن يجيء في بالي سؤال يضرب في مخيلتي: ماذا لو كان أحد أسباب تأخري: صبري وثباتي؟ لماذا لا أمارس حقي الطبيعي في السقوط والإنهيار؟ لماذا لا أجرب عملية الترميم؟
ربما ليست هذه الوجهة الصحيحة التي تستحق أن أجاهد من أجلها؟ ربما ليس هذا هو الحلم الذي يستحق أن أتشبث به..
أعتقد أننا بحاجة إلى عملية توازن في تناول طرح الثقة والتفاؤل والصبر والثبات والوقوف في وجوه الأعاصير والمشكلات..
إنحناءة بسيطة كافية لعبور سيل من الكلمات والمواقف والأحداث، فكيف بتمدد أو استلقاء؟
(أنا وأنت في تعب، ولكن من يستطيع أن يستريح وسط المعركة؟) تصوير الحياة على الدوام أنها معركة وأن كل مشكلة هي حرب يُخرج الحياة من سياقها الطبيعي..
نحن لسنا في معركة ولا حرب، وتستطيع أن تستريح بالقدر الكافي الذي تلتقط فيه أنفاسك..
الحياة سريعة نعم؛ لكن النهار طويل..
ليست هذه دعوة للنكوص والتثبيط والتراجع بقدر ما هي دعوة  للتذكير بالإنسانية والتذكير بالتعب والبكاء وإلتقاط الأنفاس..
هناك قصة قديمة قال لها لي والدي فحواها أن رجلا كان دائم الركض فجاء لحكيم وقال له تعبت من شدة الركض، قال الحكيم: إذا تعبت فانسم، أي تنفس.
شيء بديهي قاله الحكيم: إذا تعبت فتوقف؛ ولكن هل كلنا نعمل بهذه الوصية، أننا إذا تعبنا توقفنا؟ لا بالطبع ولذلك هناك مضاعفات للإصابات الجسدية والنفسية..
هناك بعض الكسور وبعض الأمراض من أساس علاجها الراحة، وكذلك بعض الأمراض النفسية علاجها الراحة؛ بل إن (كثرة) استخدام الإنسان لعقله وكثرة تفكيره قد يصيبه (بالذهان)..
إن خروجك مبكرا من البيت وعودتك متأخرا في آخر المساء ليس دليلا على نجاحك ولا على إنشغالك بل هذا دليلٌ على أنك تفر من نفسك ومن وحدتك ومن أُنسك الداخلي، وهذا دليل آخر على أنك غير
منظم في وقتك وفي حياتك..
اللهث المحموم الذي يشبه السعار وراء العمل والوظيفة يصيب المرء بفتور في إنسانيته وفي تكوينه الطبيعي كإنسان..
اعمل بقدر، وكذلك ارتاح بقدر، وخير الأمور الوسط..
دع هناك مساحة للخيبات والأخطاء والفشل..
هل نستطيع القول بأن للطموح حدود؟
أعتقد أنه يجب على الإنسان أن يعرف حدوده الطبيعية وألا يلهث خلف بريق الطموحات الكبيرة حتى لا تدهسه عجلة الواقع..
أنا إنسان: وسأمارس حقي في رفاهية الإنهيار..

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    2 تعليقان

    1. احسنت جداً،
      – اذكر أنني تزعمت القوة مدة عَميقة وحين سقطت أصبح الأمر صعباً رممتني اللحظات ، وذالك يأخذ من الوقت عُمراً .. رُبما .
      في اللحظة التي يؤلمك إصبعك تألم لا تترك ذالك أبداً .

    2. أحبك
      بكل مافيك من إنهيار وتشتت وإرتباك.

    أضف رد على لَطيفة إلغاء الرد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *