16أغسطس

الكتابة مرآة القراءة

سألت الأستاذة غدير الشبيلي -وهي المهتمة بالسفر- إن كانت تريد توثيق تجربتها في كتاب، وأيضا إن كانت تجيد الكتابة فقالت أنها مدونة من عام 2009، ولها كتاب غير مطبوع، فقلت وما جودة كتاباتك؟ فأجابتني: كتاباتي في صعود وهبوط وهذا يرجع إلى نوعية الكتب التي اقرأها وقت الكتابة.

هذه ملحوظة مهمة جدا فطنت لها الأستاذة وهي أن الكتابة نتاج القراءة كما هو معلومٌ عند أهل الاختصاص.

لن أتحدث عن القراءة بوصفها أداة مهمة للإنسان ككل؛ ولكني سأتحدث عن أهميتها للقارئ الذي يريد أن يكون كاتباً في المستقبل.

كل الكتّاب هم في الأساس قرّاء وقراء بنهمٍ أيضا، والكثير منهم لم يتوقع أن يصبح كاتباً؛ ولكن مع مرور الزمن وكثرة القراءة تتولد لدى القارئ مفاهيمه الخاصة وتعاريفه التي يرى أنها أدق وأصحّ من غيرها، فيبدأ بالكتابة وتكون هذه هي الانطلاقة.

إذا أردتَ أن تبدأ في الكتابة فلابد أن يكون لك قدوة تتبعها وتكتب على خطاها في بادئ الأمر حتى إذا اشتد عودك واستد رأيك تشق طريقك وتكتب برؤيتك وبنظرتك وبأسلوبك الذي سيصبح علامة لك ودليلاً إليك، تخلع أسلوب شيخك وتلبس جبتك، تنسلخ من ثوبه وتنزل عن دابته وتركب دابتك التي صنعتها من خلال رحلتك الطويلة في القراءة.

لابد أن تقرأ لمن تحب ومن لا تحب، الذي تحب سيعطيك ما هو مقرر في خلدك وما توافق مع آرائك، والذي لا تحب سيعطيك القطعة المفقودة في خريطة تفكيرك، وأنت محتاجٌ لكليهما.

ستحتاج لأن تقرأ لمن هم في الطبقة التي تحب أن تكون منها؛ لأن انعكاس كتاباتهم ستصبح واضحة في طيات حروفك وفي لحن قولك، وفي تثنيات خطك.

اقرأ ليل نهار المهم ألا تترك القراءة؛ فالقراءة هي المدد والعون والظهير لك على صفحات الأوراق.

ولكن ما المراد بالقراءة هنا؟ هل المراد هو قراءة الأحرف (الرموز) وتحويلها إلى أفكار في العقل؟ هل هذه هي القراءة المطلوبة؟ لا بالتأكيد فتحويلها إلى أفكار جامدة، ليس هذا الهدف، بل تحويلها إلى أفكار (وأعمال) وسلوك عملي يترجم كمية المقروء؛ فالقراءة بحد ذاتها ليست هدفا بل هي وسيلة من وسائل تحصيل المعرفة.

أنواع القراءة كثيرة لكني آمل أن نصل إلى مرحلة القراءة الناقدة التي يكون فيها القارئ فاحصا لما يقرأ منتقدا لهذه الرموز المحفورة على الورق من أجل بناء جيل قرائي تفاعلي وليس جامدا يؤدي دور المستقِبل فحسب.

نتاج القراءة أهم من القراءة نفسها.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *