28يونيو

رحلتي مع هايكنج السعودية

أحب التجربة، وأحب المغامرة، ومن أجل ذلك قررت الذهاب لرحلة مع فريق هايكنج السعودية.

الهايكنج وتعني المشي الجبلي أو الرياضة الجبلية، وهي رياضة عالمية.

التسجيل كان عن طريق رابط موضح فيه جميع التفاصيل (الزمان والمكان ونقطة التجمع والانطلاق والمبلغ وحتى مستوى الرحلة) وكانت هذه الرحلة مستواها من متوسط إلى صعب وكان اسم الرحلة (التلال المخفية في الرياض) وكانت فعلا تلالاً لم تلوثها الأقدام.

كان الحضور في نقطة التجمع الساعة 3:30 فجرا يوم الجمعة 28 يونيو، وتحركنا إلى نقطة الانطلاق عند الساعة 4:01 ووصلناها عند الساعة ٥:١١ صباحا، وكان العدد قرابة الثلاثين ما بين الأفراد والعوائل، وكان مرشدنا وقائدنا الأستاذ الجميل الرائع/ فيصل العنقري.

وكان مشكورا يقدم لنا المعلومات والنصائح والإرشادات طوال مدة الرحلة.

كان المكان المقصود هو جبال طويق.

تم توزيع مياه باردة وفاترة على الجميع، وبعض الفواكه كالموز لنكتسب الطاقة قبل الشروع في الرحلة.

شرعنا في عملية الإحماء وكانت مختصرة خفيفة ولكن القليل خير من المنقطع.

تم الشرح للجميع عن مبادرة (لا تترك أثر) بالتعاون مع وزارة السياحة والتي تهدف إلى التوعية والتثقيف البيئي للحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، وكانت مهمة أعضاء الرحلة تنظيف المسار قدر الإمكان من المخلفات البلاستيكية إن وُجدت، ووضعها في الأكياس الممنوحة من المنظمين.

 انطلقنا في رحلتنا عند الساعة  5:24 صباحا وكان الأغلب في طريق الذهاب هو النزول وكان الطريق في الأغلب العام متوسطا.

كنا نسير في بطن وادٍ تملأ جنباته الأحافير والأخاديد التي صنعتها المياه داخل الصخور.

ملايين السنين صنعت هذه اللوحات الفنية التي تصعب صناعتها على يدي فنان بشري.

ما أروع الطبيعة وهي بكر لم يفضضها الإنسان بمدنيته الجديدة المقيتة.

النحوت التي في الصخور تخبرنا أن الوادي كان يغص بالمياه من أسفله إلى أعلاه.

كنا في بطن الوادي وكان طول الجبلين ما يقراب الـ 200 إلى 300 متر تقريبا وكانت الأحافير موجودة من الأعلى حتى الأسفل.

المنظمون ولبث روح الحماسة في أعضاء الرحلة صنعوا مسابقة أجمل صورة بالتزامن مع اليوم العالمي للكاميرا الذي يوافق 28 يونيو من كل عام، ومن يربح يفوز برحلة مجانية الأسبوع القادم هو ومرافق معه.

لم أهتم كثيرا بالتوثيق بالصور؛ لأتي لو كنتُ وحيدا في المسابقة فسأكون المركز الثاني.

الأغلب يوثق بالتصوير وبعضهم بالصوت، وأما أنا فكعادتي بالقلم.

الكل كان يوثق الصور بجواله إلا الأستاذ عبيدة فكان يحمل كاميرا احترافية، وأتوقع أنه سيفوز بالجائزة لا للكونه يحمل شيئا احترافيا؛ ولكن من أجل زوايا التصوير التي يختارها فكان يختار زوايا وأماكن تختلف عن البقية.

وصلنا إلى الصخرة وهي آخر نقطة في رحلة الذهاب عند الساعة 6:32 صباحا وتم عمل قهوة سوداء لمن أراد، وأما أنا ففتحت مزودتي التي اكتشفت لاحقا أنها تكفي لمسير ثلاثة أيام، فقد نقلت المطبخ كله على ظهري، ما بين ماء، وفواكه، ومعجنات.

هذه مشكلة المبتدئ يقدّر الأمور على غير وجهها الصحيح بيد أن الجميل في الموضوع هو اكتساب الخبرة والتعرف على مناطق رائعة في بلدي الحبيب، والتعرف على وجوه جديدة في الحياة.

قطعنا في مرحلة الذهاب ما يقارب 2.8 كيلو متر (من نقطة الانطلاق حتى الوصول للصخرة)

استرحنا عند الصخرة لمدة 26 دقيقة ثم قفلنا عائدين لنقطة الانطلاق؛ ولكن من طريق مختلف عند الساعة 6:48 صباحا وكانت الإبل تؤمنا وكان عددها 15 بعيرا.

الجو في الظل لطيف وبدون هواء، وأما طريق العودة فكان في الشمس وكانت العودة صعبة قليلا.

رأينا في طريقنا الحنظل، وكان بعضهم من جهله يعتقد أنه بطيخا صغيرا.

المسار في الذهاب والعودة كان نظيفا من مخلفات البشر.

طريق العودة صعبٌ لكونه كله صعودا، ويجب عليك اختيار موضع قدمك بعناية تامة لأن هناك بعض الصخور تكون متحركة.

الدقة في اختيار المسار الذي تذهب معه، وأيضا موضع قدمك، وحركة جسمك كلها مهمة في رياضة المشي الجبلي؛ وكأن هذه الرياضة تذكّرك باختياراتك في الحياة من كل النواحي.

من الأمور المهمة في الصعود هي ألا تمشي مستقيما في صعودك للجبل بل تمشي بطريقة حرف Z في الإنجليزية لتتجنب السقوط ولتسهل عليك المهمة.

المخضرمون من أهل الرياضة ممن كانوا معنا، كانت ملابسهم تختلف عن ملابسنا وأدواتهم تختلف بحكم طول الدربة والتجربة في هذه الرياضة.

ومن أهم هذه الأدوات العصا؛ فبعضهم كان يحمل عصاتين لا واحدة، ويقول فائدتها أن يتحول الضغط على أربعة قوائم لا اثنتين فقط، وأيضا لتحريك عضلات الأكتاف، ومآرب أخرى كتنبيه الحيوانات الزاحفة لأنها تسمع وكز العصا في الأرض من بعيد فتتحرك من مكانها.

وصلنا أخيرا لنقطة النهاية عند الساعة 7:33 صباحا وكان في استقبالنا بعضا من المنظمين

بالعصير والماء البارد ووجبة الإفطار الشهية.

كانت رحلة جميلة جدا تعلمتُ منها أشياء كثيرة، ومن أهم هذه الأشياء هي دقة اختياري لمساري؛ فهذا المسار هو الذي سيُحدد صعوبة الطريق من سهولته.

المشي الجبلي يعلّمك كيف تكون دقيقا في اختياراتك في الحياة.

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *