14أبريل

بوصلة محمد حسن المرزوقي إلى أين؟

فاجأني الصديق محمد حسن المرزوقي –كما فاجأ الكثير- باعترافه بأنه أغبى إنسان في العالم لأنه منح ثقته المطلقة بالكاتب علي حسن وذلك لأنه يمتص كل ما يكتبه دون تدقيق ولا مراجعة.

المشكلة إن كان الصديق العزيز يزعم أنه غبي، وهو قطعا ليس كذلك، فماذا عساه أن يقول وأن الذي تأثرت بعلي حسين وانتهيت من كتابه (سؤال الحب من تولستوي إلى آينشتاين) وشريت كتابه الآخر (غوايات القراءة)، ولم أكتفي بذلك، بل كلت المديح لكتاب سؤال الحب؛ بل إن نفسي حسدت المؤلف على جودة صنيعه في كتابه وتمنته لها.

كتاب (سؤال الحب من تولستوي إلى آينشتاين) يتناول الشخصيات الأدبية وكيف تأثير الحب عليها وقد قام المؤلف بجهد مضني حيث أنه يقرأ كل شيء للكاتب الذي يريد الحديث عنه؛ بل يقرأ ما كتب مجايليه وأصدقائه عنه، حتى يستخرج لنا ويستنتج أن الرواية الفلانية كان المقصود بها عشيقته، وأن الشخصية الرئيسية في المسرحية العلانية كان الكاتب يتحدث عن نفسه.

هكذا كنت أظن سابقا؛ حتى أتى المرزوقي بمعول النقد وحطَّم هذه الصورة التي لديَّ حيث بدأ يدب الشك في الكتاب وأسانيد القصص فيه؛ لا سيما أن المؤلف لم يضع ثبت للمصادر والمراجع، وكان همينغواي هو مفترق الطرق الذي ذهب بعلي حسين ومصداقيته إلى خانة المنتحلين غير الموثوق بهم في عالم الكتابة.

يقول المرزوقي: (قام علي حسين بسرد قصة غريبة عن  وقوع همينغواي في حب ممرضة أثناء خدمته في الجيش (وهذه تفاصيل معروفة للجميع)، ولكن ما حدث بعد ذلك صدمني؛ فقمت بالتحقق من القصة من خلال البحث في قوقل لأن علي حسين لم يضع في كتابه قائمة بمصادر قصصه كما ذكرت سابقًا. ووجدت عند البحث باللغة العربية القصة منشورة في جريدة الوسط البحرينية مع تغيير طفيف في تفاصيلها.

لكن عند البحث باللغة الإنجليزية لم أستطع العثور على القصة، فقمت عوضا عن ذلك بالبحث عن سيرة هذه الممرضة واسمها Agnes von Kurowsky والمفاجأة أنه  لا توجد إشارة لمقتلها بل بعد البحث وجدت أنها تزوجت مرتين ولم يكن أيا منهما ذلك الإيطالي الذي زعم علي حسين بأنه تزوجها!

المفاجأة الكبرى فهي أنني اكتشفت بأن هذه الممرضة ظلت تعيش مع زوجها في فلوريدا، وليس في ميلانو كما ذكر علي حسين، حتى توفت عن عمر يناهز ٩٢ عامًا، ودفنت في واشنطن في المقبرة الوطنية للجنود الأمريكان تقديرا لجهودها وعملها مع الصليب الأحمر خلال الحرب العالمية الأولى).

أولا لابد يعلم الصديق محمد أني أكرهه وأكره عينه الناقدة التي أفسدت عليَّ متعة قراءة كتب علي حسين، ولن أسامحه في نزعه للغشاوة التي كانت على عينيّ، وأني آمل من الله أن ينبري علي حسين بالرد على المرزوقي وإثبات خطأه حتى أعود لمنطقة راحتي ومنطقة إعجابي ومنطقة المألوفات عندي التي أخرجني منها عنوة بشد الإذن والربت الخفيف على كتف الحقيقة.

إن المرزوقي من أولئك الذين يضربون المعلومة ليزيلوا الغبار عنها، ونحن الذين تعايشنا مع هذا الغبار حتى ملأ صدورنا وعقولنا.

محمد يملك درة عصرية كالتي كانت مع عمر، فلكل زمان درته التي تناسبه.

عمر –رضي الله عنه- كان يضرب المرء فتخرج الوساوس والأفكار الشيطانية من رأسه، ومحمد المرزوقي يضرب رأس المعرفة حتى يزيل اللبس، ويطرد الغبش.

ثوب محمد المعرفي قدّه الشك من كل مكان، حتى أنه وصل لثوبي المسبل وقصّر منه، وأهدانا قميصا مرقعا بالشكوك.

لدى صديقي العزيز العاقل بوصلة تشير إلى الشك لا إلى الشمال!

أراحنا الله من شك محمد!

    شارك التدوينة !

    عن Hatem Ali

    اضف رد

    لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

    *